Personnalité

Abd al-wahhab ben abd al-rahman ibn roustoum

عبد الوهاب بن عبد الرحمن إبن رستم

عبد الوهَّاب بن عبد الرحمن، ثاني الأيـمَّة الرستميـِّـين (حكم: 171-208هـ/ 787-823م) ، كنـَّاه ابن عذاري بأبي الوارث، وهو الوحيد الذي أورد هذه الكنية.
تلقَّى العلمَ بالقيروان ثمَّ بتيهرت عن أبيه عبد الرحمن وغيره من حملة العلم. عاصر الربيع بن حبيب إمام الإباضيـَّة بالبصرة بعد أبي عبيدة وجابر بن زيد.
عالم متضلِّع من أكبر علماء زمانه، اشترى وقر أربعين بعيرًا من الكتب من البصرة، فلمَّا تصفَّحها وقرأها وأتمَّها قال: «الحمد لله الذي علَّمني كلَّ ما فيها من قبل، ولم استفد منها إلاَّ مسألتين لو سئلت عنها لأجبت فيها قياسًا».
وقد تصدَّر للتدريس، فكانت له حلقات علم بتيهرت وجبل نفوسة، وتخرَّج على يديه خلق كثير، منهم ابنه أفلح، فضلاً عن كثير من علماء نفوسة، حيث قضى بجبل نفوسة سبعة أعوام يلقي دروس الوعظ على العامـَّة، وتذكر بعض المصادر أنـَّها في فقه الصلاة.
كان تاجرا بارعا،لم تشغله تجارته التي مارسها في عهد أبيه، ولا الحكم الذي تولاَّه بعد ذلك، عن المطالعة، فكان من عادته إذا فرغ من صلاة العشاء أخذ كتابًا ينظر فيه.
ولقد ترك عبد الوهَّاب كتابًا وصفه البرادي بأنـَّه ضخم وهو سفر تامٌّ، ألـَّفه عبد الوهَّاب جوابًا لأهل نفوسة في مسائل ونوازل استفتوه فيها؛ يقول عنه ابن الصغير، مؤرِّخ الدولة الرستميـَّة: «كان لعبد الوهَّاب كتاب معروف بـ«مسائل نفوسة الجبل»… وكان هذا الكتاب في أيدي الإباضيـَّة مشهورًا عندهم معلومًا، يتداولونه قرنا عن قرن… فأخذته من بعض الرستميـِّين فدرسته ووقفت عليه»، ولعلَّ الكِتَاب المعروف اليوم بـ«مسائل نفوسة» (مط) جزء من هذا السفر.
بلغت الدولة الرستميـَّة في عهد الإمام عبد الوهَّاب شأوًا بعيدًا في الحضارة، فكانت لها علاقات الندِّ للندِّ مع الأمويِّـين بالأندلس، ومع الأغالبة في إفريقية، ومع المدراريِّـين في جنوب المغرب الأقصى، وعلاقات تجاريـَّة وطيدة مع إفريقيا جنوب الصحراء، ومع إِبـَاضِيـَّة المشرق… فإذا كان عبد الرحمن ابن رستم قد وضع أسس الدولة، واهتمَّ بسياستها الداخليـَّة، فإنَّ عبد الوهَّاب أعطى لها أبعادًا أخرى، نعرفها من شهادة ابن الصغير، إذ يقول: «…كان ملكًا ضخمًا، وسلطانًا قاهرًا… قد اجتمع له من أمر الإباضيـَّة وغيرهم ما لم يجتمع للإباضيـَّة قبله، ودان له ما لم يدن لغيره، واجتمع له من الجيوش والحفدة ما لم يجتمع لأحد قبله… حاصر مدينة طرابلس، وملأ المغرب بأسره إلى مدينة يقال لها تلمسان…».
والإمام عبد الوهَّاب، هو الإمام الأكثر ذكرًا في المصادر – الإباضيـَّة وغيرها – ولعلَّ ذلك يعود إلى التأثير الكبير الذي تركه في الحياة الدينية، والاجتماعية، والاقتصادية، والثقافية، والسياسية، والعسكرية… فقد اتـَّسعت دولته من حدود مصر شرقًا، إلى مدينة تلمسان في أقصى المغرب الأوسط غربًا، بل إنَّ هيمنته شملت في بعض الأحيان دولة بني مدرار في المغرب الأقصى…
وفي عهده الذي دام سبعًا وثلاثين سنة (171-208هـ) عرف الرستميـُّون قمَّة مجدهم الحضاريِّ في الداخل والخارج، نشَّطوا الزراعة، ووفَّروا أسبابها، وروَّجوا التجارة، ووفَّروا لها الأمن، وزهت الحياة الثقافيـَّة وارتقت، فقصد عاصمةَ الرستميـِّين العلماءُ والطلبة والناس من مختلف المذاهب، وسمحوا بحرِّية التعبير والفكر، فتنافست التجارة والثقافة في أدوار لا تزال بحاجة إلى البحث والدراسة من قِبل الباحثين والأكادميين.
وفي عهد عبد الوهَّاب انقسم الإباضيـَّة إلى فرقها المغربيـَّة المشهورة مثل فرقة النُّـكَّار التي أنكرت إمامة عبد الوهَّاب، والخلَفيـَّة التي حاولت الانشقاق عن جسم الإمامة، والوهبيـَّة التي بقيت مخلصة للإمام والإمامة، حتَّى قيل: إنَّ النسبة في اسم «الوهبيـَّة» هي للإمام عبد الوهَّاب، رغم أَنـَّهَا نسبة عَلَى غير قياس.
وفي عهد عبد الوهَّاب ظهرت المعتزلة فناظرها، وحاول دحض أفكارها، واستمدَّ العون من نفوسة، لمناظرة هذه الفرقة العقليـَّة…
وقام بعدَّة حروب دفاعية ضدَّ من ناصب الرستميـِّين العداء، بعد استنفاذ الوسائل السلمية، فلم ينهزم له جيش، ولم تسقط له راية.
كان الإمام عبد الوهـَّاب رجل علم وحُكم وقيادة، ساس الرعيـَّة فدانت له، وناظر المنشقِّين فكان الحاكم الحكيم، وقاد الجيوش فكان البطل، وأدار دواليب الدولة فدرَّت له مجدًا وتألـُّـقًا…
دبـَّر له أعداؤه مكيدة اغتيال باءت بالفشل.
وتوفِّي سنة 208هـ/823م، تاركًا الدولة قويـَّة مهيبة السلطان، وخلفه ابنه أفلح في الإمامة بلا ولاية للعهد سابقة ولكن بترشيح من أصحاب الحلِّ والعقد.

المصدر:

http://www.taddart.org/?p=4298

Ouvrages

Kitab masail nafousa

كتاب مسائل نفوسة
Nombre de tomes: 
1

كتاب هام يُعدّ أقدم كتاب فقهي عند الإباضية بعد كتاب مدوّنة أبي غانم الخراساني رحمه الله